الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة على وقع المونديال: كيف نقارع الكبار بعقليـــــــة الخوف من الغول و«الطّهار» ؟!

نشر في  25 جوان 2014  (20:30)

تتواصل فعاليات نهائيات كأس العالم لكرة القدم، ويتواصل معها التشويق والإثارة والمفاجآت المدوية التي أكدت مرّة أخرى أن كرة القدم لا تعترف بالأسماء ولا بالنجوم ولا بتاريخ المنتخبات أيضاً بقدر ما تعترف بالمردود والأداء الغزير والروح الإنتصارية العالية، فالتاريخ -وعلى أهميته- لا يمكن أن يصنع الفارق في مباراة تجمع بين منتخب حقق نتائج باهرة وفاز بكأس العالم عدة مرّات ومنتخب ناشئ ليس له تاريخ كبير في مثل هذه المسابقات، لأجل ذلك شاهدنا كيف أخرجت الشيلي منتخب اسبانيا المدجج بالنجوم والحائز على آخر كأس عالمية منذ الدور الأول، وشاهدنا كيف سقطت أنقلترا مهد كرة القدم العالمية لتخرج بدورها من الدور الأول أمام الأوروغواي، ورأينا ماذا فعلت غانا بألمانيا وكيف هددت إيران عرش الأرجنتين إلى جانب مباريات أخرى كسّرت القاعدة وكذّبت التكهنات وأكدت أن الكرة تلعب على الميدان وأن النجاح يتوقف على الأداء والمردود والروح الإنتصارية، لا على أشياء أخرى.
من جهة أخرى وإذا ما تحدثنا عن المشاركة العربية في المونديال والمتمثلة في المنتخب الجزائري الشقيق نجد أنفسنا مجبرين على إعادة نفس الكلام الذي قلناه سابقا في مثل هذه المواعيد بشأن المنتخبات العربية المشاركة في كأس العالم، فقد أكدت مباراة منتخب الخُضر أمام بلجيكا عقلية الخوف التي تسيطر على اللاعب العربي عند مواجهته لمنتخبات أوروبية عريقة، حيث فرّط ممثل الكرة العربية في انتصار كان في المتناول لأنه بالغ في الخوف ولم يُؤمن بحظوظه وأعطى المنافس أهمية زائدة عن اللزوم أفقدت اللاعبين الثقة في أنفسهم وجعلتهم لا يقتنعون بقدرتهم على الإطاحة بالمنتخب البلجيكي، فأضاع بذلك فرصة قد لا تتكرر لتحقيق فوز تاريخي ودخول المونديال من بابه الكبير..
ورغم التدارك لاحقا بالفوز برباعية ضدّ منتخب كوريا الجنوبية الذي لاح متواضعا جدّا وانهار أمام ردة فعل لاعبي الجزائر.. رغم ذلك وأنا أشاهد مباراة الجزائر الأولى استحضرت مقابلة منتخبنا الوطني الشهيرة أمام المنتخب الأنقليزي في نهأئيات كأس العالم بفرنسا وكيف كان يتعمّد لاعبونا إضاعة الوقت منذ اللحظات الأولى للمباراة إلى درجة شعرنا فيها بالخجل باعتبار اننا قدمنا صورة لا تليق بكرة القدم التونسية، نتيجة عقدة الأجنبي والخوف من «بوبرطلّة» وتحويل المنافس إلى غول يصعب ترويضه أو الإيقاع به والحال أن المنتخب التونسي كان أول منتخب إفريقي يحقق الفوز في نهائيات كآس العالم وكان ذلك عند مواجهة المكسيك سنة 1978 بالأرجنتين، وقدم أداء رائعا أمام بولونيا رغم الهزيمة القاسية، وحقق تعادلا ضد ألمانيا في مباراة شهيرة حرمنا خلالها الحكم من ضربة جزاء كانت كافية لتُؤهلنا إلى الدور الثاني وتفادي المُؤامرة البولونية - الألمانية التي حيكت ضدّنا وحرمتنا من تأهل مستحق. كان ذلك سنة 1978، حينها سجّلنا ولعبنا وأمتعنا وأقنعنا وانتصرنا ومنذ ذلك التاريخ ظلّت مشاركاتنا العالمية -وعلى أهميتها- محتشمة مثلما هو الحال للمنتخبات العربية التي لم تشف غليلنا يوما ولم تقدم ما يمكن أن يجلب لها احترام وإعجاب أحباء الكرة، بل ولم تقدّم المستوى الذي تبرّر به أحقيتها وجدارتها بالذهاب للمونديال، حتّى أصبحت مجرّد رقم يكملون به قائمة المنتخبات المشاركة في كأس العالم ويصحّ فينا القول أنّنا لن نقارع الكبار.
ولا شك أن هذا المردود المتواضع والبروز المناسباتي للكرة العربية هو نتاج ثقافة وتربية وسلوكيات نشأنا وتعوّدنا عليها منذ الصغر، ثقافة الخوف من الغول و»الطهّار»والطبيب والحقنة والشرطي.. ثقافة وتربية تقتل الخلق وتعرقل الإبداع وتقضي على المبادرة، وتخلّف لذلك وجدنا أنفسنا شعوبا ضربها الكسل والبخل تعتمد على الخارج في لباسها وأكلها ووسائل اتصالاتها...

بقلم عادل بوهلال